الأصل في كل الطعام الحل فليس هناك حرام إلا ما حرمه النص أو صحيح الحديث، وما من طعام إلا وبه رطب ويابس وإلا كيف أكل النبي -صلى الله عليه وسلم- الثريد وبه الخبز واللحم والحساء، وكيف كان -صلى الله عليه وسلم- يأكل التمر بالخبز وهما باردان؟!
والقاعدة النبويّة العظيمة التي قرّرها رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بقوله: ( ما ملأ ابن آدم وعاءً شرا من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيماتٍ يقمن صلبه ، فإن كان لا بد فاعلا ، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ) أخرجه أحمد والترمذي ، فالمهم إذاً أن يجد الإنسان ما يحفظ له حياته، لا أن يكون تناول الطعام وتنويعه هدفاً بحدّ ذاته، ولك أن تشربي الشوربة مع الطعام، ولك أن تشربي الشوربة قبل الطعام كفاتح للشهية، لا حرج ولا فضل لذلك على ذاك.
وإذا تتبّعنا ما كان يأكله النبي – صلى الله عليه وسلم – لمسنا عدم تكلّفه ، فقد ورد عنه أكل الحلوى والعسل، وأكل الرطب والتمر، وشرب اللبن خالصا ومشوباً –أي مخلوطاً بغيره - والسويق – وهو طعام يُصنع من الحنطة والشعير - وأكل الأقط – اللبن المجفف- وأكل التمر بالخبز، وأكل الخبز بالخل أو الزيت، وأكل الثريد -وهو الخبز باللحم- وأكل الخبز بالشحم المذاب، وغير ذلك مما ورد في السنّة.
وكان -عليه الصلاة والسلام- يحبّ الثريد بشكلٍ خاص، حتى جعل فضل عائشة -رضي الله عنها- على سائر نسائه كفضل الثريد على سائر الطعام، متفق عليه، وكان – صلى الله عليه وسلم- يحبّ من اللحم الظهر والكتف، وكان يقول: (أطيب اللحم لحم الظهر) صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في دعوة، فرُفع إليه الذراع وكانت تعجبه، متفق عليه.
لكنّه -عليه الصلاة والسلام- لم يكن يقبل الطعام الذي جاء على سبيل الصدقة بخلاف ما جاء عن طريق الهديّة، فإنّ الصدقة تحمل في معانيها الرحمة والمسكنة، فلذلك كانت الصدقة محرّمة عليه وعلى ذرّيته صيانةً لهم وإعلاءً لشأنهم كما صحّ بذلك الحديث، والحال أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يسأل عن الطعام الذي يأتيه، فإن كان هدية قبله، وإن كان صدقة قال لأصحابه: (كلوا) رواه البخاري.
ومن كمال هديه – صلى الله عليه وسلم – في الطعام أنه كان لا يرد موجوداً ولا يتكلف مفقوداً، فما قُرَّب إليه شيء من الطيبات إلا أكله، إلا أن تعافه نفسه فيتركه من غير تحريم، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: " ما عاب النبي- صلى الله عليه وسلم - طعاماً قط، إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه " رواه البخاري ومسلم.
فلك أن تأكلي ما طاب لك من الطعام ولا يوجد نهي إلا عن محرم، وليس هناك مانع طبي من أكل البارد والحار، فكل الطعام عموما يصل إلى المعدة في درجة حرارة واحدة بعد المضغ في الفم؛ حيث أن الحار يصبح أقل حرارة، والبارد يصبح أكثر حرارة بفعل حرارة الجسم، فلا تكلفي نفسك ما لا تطيق، حتى لا تمل الدين وتظني بنفسك وبدينك ما يسوء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق