الجمعة، 8 مايو 2020

اختلاف الوان النبات ايه لقوم يذكرون


 أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَءلَهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ 
من سورة النمل- آية (60)
قال تعالي 
( وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ )من سورة النحل- آية (13)

ذرأ لكم : خلق و أبدع لمنافعكم

وكلمة {ذَرَأَ} تعني أنه خلق خَلْقاً يتكاثر بذاته؛ إما بالحَمْل للأنثى من الذَّكَر؛ في الإنسان أو الحيوان والنبات؛ وإما بواسطة تفريخ البيض كما في الطيور. 
وهكذا نفهم الذَّرْءَ بمعنى أنه ليس مطلقَ خَلْق؛ بل خلق بذاته في التكاثر بذاته، والحق سبحانه قد خلق آدم أولاً، ثم أخرج منه النسل ليتكاثر النسلُ بذاته حين يجتمع زوجان ونتجا مثيلاً لهما
 ولذلك قال الحق سبحانه: {فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين} [المؤمنون: 14] . 
وهكذا شاء الحق سبحانه أن يفيض على عباده بأن يُعطِيهم صفة أنهم يخلقون، ولكنهم لا يخلقون كخَلْقه؛ فهو قد خلق آدم ثم أوجدهم من نسله.
 والبشر قد يخلقون بعضاً من مُعِدات وأدوات حياتهم، لكنهم لا يخلقون كخَلْق الله؛ فهم لا يخلقون من معدوم؛ بل من موجود، والحق سبحانه يخلق من المعدوم مَنْ لا وجود له؛ وهو بذلك أحسَنُ الخالقين.
 والمَثل الذي أضربه دائماً هو الحبة التي تُنبِت سبْعَ سنابل وفي كل سُنْبلة مائة حَبّة؛ وقد أوردها الحق سبحانه ليشوِّق للإنسان عملية الإنفاق في سبيل الله، وهذا هو الخَلْق الماديّ الملموس
 فمن حَبَّة واحدة أنبت سبحانه كل ذلك. وهنا يقول الحق سبحانه: {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأرض مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ... } [النحل: 13] . 
أي: ما خلق لنا من خَلْق متكاثر بذاته تختلف ألوانه. 
واختلاف الألوان وتعدُّدها دليل على طلاقة قدرة الله في أن الكائنات لا تخلق على نَمَطٍ واحد. 
ويعطينا الحق سبحانه الصورة على هذا الأمر في قوله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الجبال جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ الناس والدوآب والأنعام مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء إِنَّ الله عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: 27 - 28] . 
وأنت تمشي بين الجبال، فتجدها من ألوان مختلفة؛ وعلى الجبل الواحد تجد خطوطاً تفصل بين طبقاتٍ مُتعدّدة، وهكذا تختلف الألوان بين الجمادات وبعضها،
 وبين النباتات وبعضها البعض
 وبين البشر أيضاً.
واختلاف الوان الثمار 
سورة فاطر هي سورة "العبودية " ..

تتوسع في  اية الفاتحة "اياك نعبد واياك نستعين"".

على الفاني ان  يوحد الالفاطر !

" ومالي لا اعبد الذي فطرني .....

سورة فاطر مليئة بالاستشهاد بالآيات الكونية التي تنبه الإنسان إلي عظمة الخالق( سبحانه وتعالي), تلك العظمة البينة في إتقان الخلق, وضخامة الكون, ودقة بنائه, وتعدد أجرامه, وإحكام حركاته, وخلق الله( تعالي) من أدق اللبنات إلي أعظم الوحدات في هذا الكون الشاسع, ومن الكائن ذي الخلية الواحدة إلي الإنسان الكامل, كل ذلك يشهد لهذا الخالق العظيم بالألوهية, والربوبية, والوحدانية, والخالقية, كما يشهد له( تعالي) بقدرته علي إفناء الخلق وعلي إعادة بعثه من جديد, وقد كانت قضية البعث عبر التاريخ ولا تزال هي حجة المكابرين والمعاندين من الكفار والمشركين, وسوف تظل كذلك إلي يوم الدين.

..
وألوان الثمار معرض بديع للألوان يعجز عن إبداع مانبت منه جميع الرسامين في جميع الأجيال. فما من نوع من الثمار يماثل لونه لون نوع آخر, بل ما من ثمرة واحدة يماثل لونها لون أخواتها من النوع الواحد, فعند التدقيق في أي ثمرتين أختين يبدو شيء من اختلاف اللون!.

تعرف( الثمرة) في النباتات المزهرة بأنها المتاع( المبيض) الناضج للزهرة, والزهرة هي الجزء الذي يحمل أعضاء التكاثر في النباتات المزهرة, وهي العضو الثابت في تلك النباتات الراقية لأنه لا يتأثر بتغيرات البيئة, ومن هنا اتخذت الزهرة أساسا لتقسيم النباتات المزهرة.
وبعض الزهور مفردة الجنس, والبعض الآخر يضم كلا من أعضاء التذكير والتأنيث, وعندما يتم إخصاب الزهرة تندمج النواتان الذكرية والأنثوية, وبنجاح اندماجهما يتكون جنين حي للنبات في داخل البذور محاطا بالغذاء اللازم لنموه, ويحيطه جدار حافظ يعرف عادة باسم القصرة: وبنمو البويضة ا لمخصبة وما بداخلها من بذرة أو بذور تتكون الثمرة بتضخم أنسجة المتاع( المبيض) وأحيانا يتضخم بعض أنسجة الزهرة الأخري, وقد يسمك جدار المتاع( المبيض), أو يتصلب أو يبقي رقيقا ليكون جدار الثمرة التي تظهر بتكشفها بعد تساقط أجزاء الزهرة الأخري عنها.

فبعد تمام عملية إخصاب الزهرة, وتكون الثمرة, تبدأ أعضاؤها الأخري في الذبول والسقوط في معظم النباتات المزهرة, وإن شذ بعضها عن ذلك.
وتبقي الوظيفة الأصلية للثمار منحصرة أساسا في المحافظة علي أجنة النبات في داخل البذور, ومدها بالغذاء حتي تمام نموها, ثم مساعدة تلك البذور علي الإنتثار والانتشار بعد نضج الثمرة, أو بعد الاغتذاء عليها بواسطة أي من الإنسان أو الحيوان وإلقاء البذور في الأرض لتنبت من جديد, وقد تتفسخ الثمرة وتنفتح فطريا لإخراج البذور التي يمكن حملها بواسطة الرياح, أو المياه الجارية, أو بواسطة أي من الإنسان أو الحيوان إلي أماكن بعيدة لتساعد علي انتشار النبات.

اختلاف ألوان الثمار بمعني اختلاف أنواعها:
في تفسير قوله( تعالي).... فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها....
ذكر الزمخشري( يرحمه الله) أن اختلاف الألوان يشمل كلا من اختلاف الأجناس والهيئات, وإذا أخذنا ذلك علي المحمل الأول فإننا نجد أن كلا من أجناس وأنواع الثمار من الكثرة بحيث يصعب حصرها, ولكن يمكن تجميعها في عدد من المجموعات الكبري علي النحو التالي:

(1) مجموعة الثمار الزهرية البسيطة:
وهي الثمار التي تتكون أساسا عن زهرة واحدة لها متاع( مبيض) واحد, سواء تكونت من كربلة واحدة أو من عدة كرابل ملتحمة, وتحوي كل واحدة من هذه الثمار البسيطة الجنين الحي للنبات, محاطا بكم من الغذاء لنموه حتي تمام ذلك, ثم يختزن لإنباته في المستقبل, ويحاط الجنين بعدد من الأغلفة النباتية لحمايته, ويعرف الجنين, وما حوله من مخزون غذائي وأغلفة حماية باسم البذرة أو النواة أو الحبة, وبواسطة تلك الأجنة النباتية المحفوظة بداخل البذور أو النوي أو الحب يستمر وجود النبات إلي ما شاء الله.
ومن هذه الثمار البسيطة ما هو غض( رطب), وما هو جاف, والثمار البسيطة الغضة يحاط الجنين فيها بثلاث طبقات أو أغلفة من الداخل إلي الخارج علي النحو التالي: غلاف خشبي للبذرة( أو النواة), وغلاف وسطي شحمي يزاد سمكه ويقل من ثمرة إلي أخري, وهو الجزء الذي يؤكل عادة, وغلاف خارجي جلدي رقيق يغلف الثمرة بأكملها, وقد يصبح شمعيا سميكا عند تمام نضج الثمرة, ويعرف هذا النوع من الثمار باسم الثمار الحسلية, ومن أمثلتها المشمش, والخوخ, والبرقوق, والكريز, والزيتون, وأشباهها.

ومن الثمار البسيطة الغضة ما يعرف باسم الثمار اللبية وفيها تبقي الأغلفة الثلاثة الحامية للجنين طرية بعد نضج الثمرة وذلك مثل الخيار والقثاء, أو يبقي جدار البذور صلبا مثل العنب والطماطم, والثمار اللبية وهي ثمار شحمية ذات بذور عديدة منغرسة في المادة اللبية للثمرة ومن أمثلتها البطيخ والشمام, والبرتقال, وأشباهها.
وأحيانا يدخل في تركيب الثمار أجزاء أخري من مكونات زهور النباتات غير المتاع( مبيض الزهرة) من مثل التخت, الكأس, القلم, والأوراق الزهرية, وهذه الثمار قد تكون بسيطة مثل ثمار التفاح, والكمثري, والسفرجل, والتي يتضخم التخت فيها فيكون الجزء الذي يؤكل من الثمرة, وتعتبر هذه الثمار ثمارا زهرية غير حقيقية, لأن الجزء الذي يؤكل فيها هو تخت الزهرة المتضخم, وقد تكون هذه الثمار غير بسيطة( أي مركبة) كما سيأتي ذكره.

أما الثمار البسيطة الجافة فتكون أغلفة الجنين فيها كلها جافة, وتكون الثمرة إما منشقة أو متفتحة أو غير متفتحة, ومن الثمار المنشقة ثمرة الخروع, ومن المتفتحة ما ينفتح بغطاء يغطي علبة مثل ثمرة عين القط, أو بثقوب تخترق جدار الثمرة, كما هو الحال في ثمرة الخشخاش, أو بتفتح علبة بواسطة أسنان متداخلة تنفتح العلبة عبرها, كما هو الحال في ثمرة القرنفل, أو عبر مصراعين أو أكثر كثمرة نبات القطن, أو عبر حواجز قاطعة كما في ثمرة البنفسج.
ومن هذه الثمار ما يأخذ شكل الجراب مثل ثمار العليق التي تتفتح طوليا من جانب واحد, وثمار البقول التي تنفتح من الجانبين, ومنها ما يأخذ شكل الخردلة مثل ثمار كل من الجرجير والمنثور.

أما الثمار البسيطة الجافة غير المتفتحة فيظل الجدار الخارجي للثمرة مغلقا, ولا تستطيع البذور التحرر من داخلها إلا بعد كسر جدار الثمرة أو تحلله, والجدار هنا قد يكون خشبيا كما هو الحال في البندق, واللوز, والجوز, والبيكان, أو قد يلتحم جدار الثمرة مع قصرة البذرة كما هو الحال في ثمار القمح, وقد يكون الغلاف الخارجي غشائيا أو جلديا غير ملتحم مع قصرة البذرة, كما هو الحال في بذور الورد.

(2) مجموعة الثمارة الزهرية المتجمعة:
وتتكون هذه الثمار من وحدات متجمعة تنتمي إلي زهرة واحدة, أي من متاع واحد ذي كرابل سائبة, ومن أمثلتها ثمار كل من الفراولة, والراسبري, والقشطة, والشليك.

(3) مجموعة الثمار الزهرية المركبة:
وتتكون من الثمار الناتجة عن عدد من الأزهار المجتمعة علي نورة واحدة, وتشمل هذه الثمار المركبة أوراقا, وأعناقا, وقنابات زهرية بالإضافة إلي متع( مبايض) الزهور المحتوية علي أجنة النبات.
ومن أمثلة هذه الثمارة الزهرية المركبة ثمار كل من التين, والجميز, والتوت, والأناناس, وهي تعتبر ثمارا غير حقيقية لاشتراك أعداد من أجزاء الزهرة مع المتاع في تكوين الثمرة.

وقد يتسع مدلول الثمرة ليشمل كل جزء من النبات يمكن الاستفادة به عن غير طريق زهوره, وذلك من مثل الجذور في حالات الجزر واللفت وما شابههما من ثمار, والدرنات في حالات البطاطس والبطاطا وأشباههما, والسيقان في حالة كل من قصب السكر والغاب, والأوراق في حالة نباتات النعناع والجرجير, والمقدونس, وأشباهها.
والثمار النباتية سواء كانت زهرية حقيقية أو غير حقيقية أو غير زهرية تمثل الغذاء الرئيسي للإنسان, وللعديد من الحيوانات آكلة العشب التي يربيها للاستفادة بألبانها, ولحومها, وشحومها, وجلودها ومن الثمار مايشكل مصادر مهمة للكربوهيدرات والبروتينات والفيتامينات والاحماض العضوية, والزيوت والدهون, والشموع, والأدوية, والأصباغ وللخيوط المستخدمة في صناعات النسيج كثمرة القطن وغيرها من الثمار المشابهة لها.

 اختلاف ألوان الثمار بمعني اختلاف أصباغها:
وكما تختلف الثمار في طرائق نموها تختلف كذلك في ألوانها, كما تختلف في روائحها وطعومها, وكل ذلك ينطلق من تركيبها الكيميائي وصفاتها الطبيعية, ومحتواها من المواد الغذائية ومن الماء, ويرد ذلك إلي القدرة التي وهبها الله تعالي لكل نبتة من النباتات علي اختيار اقدار محددة من عناصر ومركبات الأرض التي تنمو عليها.
وتختلف ألوان الثمار الداخلية والخارجية اختلافا مميزا لكل منها, ويفسر ذلك بتباين نسب الأصباغ الموجودة فيها, أي بكل من غلاف الثمرة ولبها( أي داخلها).

وهذه الأصباغ النباتية توجد في مجموعات أساسية وأخري ثانوية( أو إضافية), وعلي أساس من نسب هذه الأصباغ يكون اللون النهائي للثمرة الناضجة خارجيا وداخليا, وبتعدد تلك النسب تصبح ألوان الثمرات النباتية أمرا يكاد يكون لا نهائيا.
(أ) مجموعات الأصباغ النباتية الأساسية: وتشمل أنواعا عديدة من الأصباغ التي يمكن جمعها في المجموعات التالية:

(1) مجموعة الأصباغ المخضرة:
وتعرف علميا باسم مجموعة الكلوروفيلات(Chlorophills), وتختص بإعطاء النباتات بأجزائها المختلفة درجات متعددة من اللون الأخضر, خاصة فيما يسمي باسم المجموع الخضري للنبات, وتعتبر مجموعة الاصباغ المخضرة أهم الأصباغ النباتية علي الإطلاق, وذلك لدورها الأساسي في عملية التمثيل الضوئي, التي تقوم فيها الأصباغ الخضراء( الموجودة في أوراق النبات علي وجه الخصوص مركزة في جسيمات متناهية الصغر تعرف باسم البلاستيدات الخضراء) بالتقاط الطاقة من أشعة الشمس, واستخدامها في تحليل كل من الماء( الصاعد إلي الأوراق مع العصارة الغذائية المستمدة من التربة بواسطة جذور النبات), وغاز ثاني أكسيد الكربون( الذي يمتصه النبات من الجو), وتحليلهما إلي مكوناتهما الأساسية, ثم إعادة بناء تلك المكونات الأساسية علي هيئة النشويات, والسكريات المختلفة, وإطلاق الأكسجين إلي الجو. وينتج عن عملية التحويل هذه( والمسماة باسم عملية التمثيل الضوئي) معظم الطاقة التي يحتاجها النبات والتي تخزن عادة علي هيئة روابط كيميائية في عدد من المركبات الكربوهيدراتية اللازمة لحياة النبات,( وهي مركبات عضوية تتكون باتحاد ذرات الكربون الناتجة عن تحلل غاز ثاني أكسيد الكربون المستمد من الجو, والهيدروجين الناتج عن تحلل الماء), وهذه المواد الكربوهيدراتية لازمة أيضا لحياة كل من الإنسان ولحيواناته التي يربيها من آكلات الأعشاب. والبلاستيدات الخضراء عادة ما تحتوي علي عدد من الأصباغ الأساسية غير الأصباغ المخضرة, وعندما تنقص كمية تلك الأصباغ المخضرة تظهر الأصباغ المستترة وبذلك تتغير البلاستيدات الخضراء إلي بلاستيدات ملونة, ومن البلاستيدات ما هو عديم اللون أي: لا يحتوي علي أصباغ, ولكن يخزن مواد غذائية مثل النشويات, والبروتينات, والدهون, مما يحتاجه النبات في نموه وفي بناء ثماره, ويتركب جزئ الكلوروفيل من حلقة من ذرات الكربون والنيتروجين حول ذرة من المغنسيوم, وذيل طويل من ذرات الهيدروجين.

(2) مجموعة الأصباغ المصفرة:
وتعرف علميا باسم الكاروتينات(Carotinoids) أو الجزريات نسبة إلي ثمرة الجزر, وتختص بإعطاء الثمار النباتية درجات متعددة من اللون الأصفر المبهج الذي يسر الناظرين, وهي مجموعة من الكربوهيدرات التي تتوزع في سلاسل عديدة تبدأ من اللون الأصفر وتنتهي إلي اللون البني, ومن أشهرها صبغة الجزر المعروفة باسم الكاروتين(Carotene) وتتكون من أربع ذرات من الكربون وست وخمسين ذرة من الهيدروجين.

(3) مجموعة الأصباغ المحمرة:
وتعرف علميا باسم أصباغ الفيكوبيلينات(Phycobilins), وتختص بإعطاء الثمار النباتية درجات متعددة من اللون الأحمر, وهي كذلك مجموعة من الكربوهيدرات التي تتوزع في سلاسل تتشكل بشكل جزئي من مواد بروتينية والكروتيندات التي تتميز بسلاسل طويلة من الكربون وجزيئات الكلوروفيل وتبدأ من الأحمر الفاتح وتنتهي إلي اللون البنفسجي الغامق, ومن أشهرها صباغ الفيكوأرثرين(Phycoarthrin) الحمراء, والفيكوسيانين(Phycocyanin) المائلة إلي اللونين النيلي والبنفسجي.
والثمار النباتية ـ في غالبيتها ـ تبدأ باللون الأخضر, ومع اكتمال نموها, واقتراب نضجها يبدأ لونها الأخضر في التغير بالتدريج إلي لونها الخاص بها, والذي تحكمه نسب الأصباغ الداخلة في التركيب الكيميائي لها, خاصة تلك الموجودة في القشرة الخارجية لكل ثمرة من الثمار.

ومع اقتراب نضج الثمرة يتناقص اللون الأخضر بالتدريج حتي يتلاشي جزئيا أو كليا, وتأخذ الثمرة لونها المميز لها كاللون الأصفر بدرجاته المختلفة لكل من الحمضيات والمشمش, والتفاح والبرقوق الأصفرين, واللون الأحمر لكل من الفراولة, والكريز, وكل من البرقوق والتفاح الأحمرين, والبلح الذي يبدأ باللون الأخضر ثم ينتهي إلي أي من اللون الأصفر أو البرتقالي أو الأحمر, وإذا ترطب تحول لون قشرته الخارجية إلي اللون البني أو الأسود, وكذلك ثمرة المانجو التي تبدأ باللون الأخضر الذي قد يتحول عند نضج الثمرة إلي اللون الأصفر أو البرتقالي المشرب بحمرة, أو يبقي علي حاله مع تغير في درجة الإخضرار, وثمرة التوت التي قد تبدأ بأي من اللونين الأخضر أو الأبيض, وتنتهي إلي سلسلة من الألوان منها الأبيض, أو الأحمر, أو الأسود, وهكذا.

(ب) مجموعات الأصباغ النباتية الإضافية:
بجوار مجموعات الأصباغ الأساسية في الثمار النباتية, توجد مجموعات من الأصباغ الإضافية التي عرفت باسم أصباغ الإحساس(SensorPigments), وهذه توجد في أنسجة النباتات بنسب أقل من الأصباغ الأساسية, ولكنها تلعب أدوارا مهمة في حياة النبات علي الرغم من ضآلة نسبها, ومن هذه الأصباغ الإضافية ما يلي:

(1) مجموعة الصبغات المؤثرة في لون النبات ككل: وتعرف علميا باسم مجموعة صبغة لون النبات(ThePhytochromePigmentGroup).
(2) مجموعة الصبغات الخفية في النبات:
(TheCryptochromePigmentGroup)
وهي مجموعة من الأصباغ المستترة التي لا تظهر إلا بضعف الأصباغ الأساسية.

(3) مجموعة الصبغات النباتية الحساسة للأشعة فوق البنفسجية:
UitravioletPhotosensorPigmentGroup) مثل الأصباغ الموجودة في نبات دوار الشمس.
ولكل واحد من هذه الأصباغ الإضافية دوره المهم في حياة النبات, ولكنه ـ زيادة علي ذلك ـ يختلط مع الأصباغ الأساسية بنسب متفاوتة ليعطي درجات لا نهائية من الألوان لكل من الأزهار والثمار النباتية, ولأوراق النبات في بعض الحالات الخاصة.

ودور الأصباغ النباتية بمجموعاتها الأساسية والإضافية ـ ليس مقصورا علي اسباغ الألوان الخاصة علي كل زهرة وثمرة من الزهور والثمار النباتية بأعدادها اللانهائية ـ علي أهميته ـ وذلك لأن لكل واحد من هذه الأصباغ دوره فيما يجري بداخل خلايا وأنسجة النبات من أنشطة كيميائية وحيوية, وفي مقدمتها عملية التمثيل الضوئي, وعمليات الشعور والإحساس عند النبات, وغير ذلك من أدوار علمنا بعضها, وجهلنا الكثير منها, ومن جوانب الحكمة الإلهية المبدعة لهذه الألوان المبهجة التي أضفاها الخالق العظيم علي كل من الأزهار والثمار النباتية هو جذب انتباه الحشرات لتأبير الزهور حتي تثمر, وجذب انتباه كل من الإنسان والحيوان إلي الثمار النباتية ليقوم بقطفها وفتحها لأكلها, ثم إلقاء بذورها في الأرض من أجل إنباتها, واستمرارية الوجود للنباتات المزهرة إلي ما شاء الله( تعالي), وذلك لأن ثمار النباتات الراقية هي الحاوية لبذورها, والبذور هي الحاوية لأجنة تلك النباتات البذرية المزهرة, وهي وسيلة تكاثرها والمحافظة علي بقائها إلي ما شاء الله.
واستهلال الآية الكريمة التي نحن بصددها بذكر إنزال الماء من السماء فيه إشارة إلي دور هذا السائل العجيب في إذابة العديد من عناصر ومركبات الأرض, وجعلها في متناول جذور النباتات لامتصاصها والاستفادة بها.

وكذلك فإن في الإشارة إلي اختلاف ألوان الثمار تأكيد علي تلك القدرة الإلهية المبدعة التي أودعها الله( تعالي) في الشفرة الوراثية لكل نبتة لتمكنها من اختيار ما يناسبها من العناصر والمركبات المذابة في الماء, فتأتي كل زهرة وثمرة باللون الخاص بها علي الرغم من نموها علي تربة واحدة, وسقياها بماء واحد, وهذه حقائق لم يدركها الإنسان إلا في القرن الماضي, ولم يتبلور فهمه لها إلا في العقود المتأخرة منه, وورود الإشارة إليها في كتاب الله الذي أنزل من قبل أربعة عشر قرنا علي نبي أمي( صلي الله عليه وسلم), وفي أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين لمما يقطع بأن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية, بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله, وحفظه بنفس لغة وحيه: كلمة كلمة وحرفا حرفا, فبقي في صفائه الرباني, وإشراقاته النورانية يصدع بالحق في كل أمر من أموره وبالحقيقة في كل إشارة من إشاراته, وسوف يبقي كذلك إلي يوم الدين تحقيقا للوعد الإلهي الذي قطعه ربنا( تبارك وتعالي) علي ذاته العلية فقال:(عز من قائل):
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون*
(الحجر:9)




والألوان في الأزهار وثمار النباتات من الإعجاز في خلق الله 

قال تعالي ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا) (فاطر/27).
وهذا الإختلاف أيه من ايات الله ، فلما هذا الإختلاف ؟ 
إنها الرؤية العلمية العقدية لتلك الثمار النباتية، فثمرة الطماطم تكون في البداية خضراء ثم تتحول إلى اللون الأحمر، ويرجع اللون الأخضر لثمار الطماطم إلى وجود صبغ الكلوروفيل الأخضر أما اللون الأحمر فيعود لاحتواء الثمار على صبغ الليكوبين الأحمر، كما تحتوي الثمار على صبغة البيتاكاروتين B-carotene الصفراء، ويتوقف لون ثمرة الطماطم على التركيز النسبي للصبغتين، ففي الطماطم الحمراء العادية لا يظهر أي تأثير لصبغة الكاروتين بالرغم من وجودها، وذلك لأن تركيزها لا يكون بالقدر المؤثر في صبغة الليكوبين ذات اللون الأحمر، ويقل تركيز الليكوبين نوعا ما في أصناف الطماطم الوردية اللون باحتوائها على نسبة أعلى من الليكوبين ونسبة أقل من صبغة الكاروتين عن الأصناف الحمراء العادية، وتختفي صبغة الليكوبين تماما في كل صنف من الأصناف ذات الثمار الصفراء والبرتقالية اللون بينما يزداد تركيز البيتاكاروتين إلى نحو عشرة أضعاف التركيز العادي في الأصناف البرتقالية عنه في الأصناف الصفراء.


ويتأثر لون ثمار الطماطم بالعديد من العوامل أهمها:

   الصفات الوراثية المركوزة في جينات النبات، كما يتأثر تلون الثمار بدرجة الحرارة السائدة أثناء النضج سواء كان ذلك في الحقل أو المخزن، فلا تتلون الثمار جيدا إذا انخفضت درجة الحرارة عن (13) درجة سيليزية نظراً لأن تحلل الكلوروفيل (في الثمار) يتوقف في هذه الظروف وتبقى الثمار خضراء اللون، وأفضل درجة حرارة لتكوين الليكوبين هي (24) درجة سيليزية، كما تزداد كمية الكاروتين في الثمار المتعرضة للضوء أثناء نضجها عنها في الثمار التي تنضج في الظلام.

وتمر ثمرات الطماطم حتى نضجها بالأطوار التالية:
   طور الثمار الخضراء غير الناضجة، وطور الثمار الخضراء الناضجة، وطور النضج الأخضر التام، وطور النضج الأخضر المتقدم، وطور بداية التلون حيث يتغير لون الطرف الزهري (للثمرة) من اللون الأخضر إلى اللون الأصفر المخضر أو الوردي أو الأحمر ولا تزيد مساحة الجزء المتلون (من الثمرة) على (10%) من مساحتها.
 ثم يأتي الطور الوردي، الذي يتحول فيه من (30%) إلى (60%) من سطح الثمرة إلى اللون الوردي الأحمر، ويأتي طور النضج الأحمر الفاتح، وتصل فيه المساحة الملونة باللون الأحمر الوردي أو الوردي من (60%) إلى (90%) من سطح الثمرة، وطور النضج الأحمر وتتراوح فيه المساحة الملونة باللون الأحمر من (90%)  إلى (100%) من سطح الثمرة، ثم ينتهي بطور النضج الزائد ومن أهم ما يميزه هو بداية فقد الثمار صلابتها.
 وتصل الثمار عادة إلى طور النضج الأخضر بعد نحو (35-45) يوما من تلقيح الأزهار، بينما يستغرق وصولها إلى طور النضج الأحمر من (45) إلى (60) يوما من التلقيح (انظر الطماطم، أحمد عبدالمنعم حسن، الدار العربية للنشر والتوزيع (ط 1) (ص 150-199) 1988م).

وهكذا تشهد ثمرة الطماطم بألوانها المختلفة ودرجات لونها بتقدير بالغ في الخلق، وانه لا عشوائية في هذه العملية كما يدعي الدارونيون العشوائيون وصدق الله العظيم القائل: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا)(فاطر/27) وقوله تعالى (انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{99}) (الأنعام/99).

   كما تتجلى العظمة الإلهية في مراحل نمو ثمار نخيل البلح وقد وصف قيصر ملك الروم هذه الألوان وصفا بديعا في رسالته إلى الفاروق عمر رضي الله عنه التي قال فيها: (إن رسلي أخبرتني أن قبلكم (بكسر القاف وفتح الباء) شجرة تخرج مثل آذان الفيلة، ثم تنشق عن مثل الدر الأبيض، ثم تخضر كالزمرد الأخضر، ثم تحمر فتكون كالياقوت الأحمر ثم تنضج فتكون كأطيب فالوذج أكل).

   وفي بداية تكوين الأزهار للنخلة يكون لونها أبيض قشديا كالدر الأبيض فعلا، وبعد التلقيح والإخصاب تكون الثمرة خضراء اللون كروية الشكل ويستغرق هذا الطور المسمى بطور الحابوبك من (5) إلى (6) أسابيع، ويأتي طور الجمري وفيه يزداد اخضرار لون الثمرة، ثم يحمر لون الثمرة قليلا أو يصفر في طور البسر أو الخلال، ويستغرق هذا الطور من (3) إلى (5) أسابيع وهو طور البلح الأحمر أو الأصفر، ثم يرطب ذنب الثمرة أو احد شقيها ويسمى طور الأسداء، وبعد ذلك يعتم لون الثمرة في طور التمر (آيات معجزات من القرآن الكريم وعالم النبات، دار الجميل للنشر والتوزيع والإعلام، القاهرة: مصر (ط) (ص 165) 1996م).
فمن قدر هذا؟

   ومن فعل هذا؟

   ومن غير الألوان والمركبات بتقدير عجيب ؟!

  

   إنه الخالق سبحانه وتعالى، ومن العجيب أن لون ثمرات الزيتون يمر بمراحل اللون الأخضر ثم البنفسجي ثم الأسود، وتمر ثمار العنب بأطوار مشابهة في بعض الأصناف مما يدل أن خلف هذه الألوان إعجازا في الخلق.

   وفي ثمار نبات البطيخ نجد القشرة الخارجية تختلف في لونها بحسب الصنف وحسب العمر ومرحلة النضج، فلون الثمار أخضر فاتح به عروق خضراء قاتمة في صنف شارلستون، وأخضر مصفر به خطوط طولية خضراء قاتمة كما في الصنف كرمسون، وأخضر فاتح به خطوط طولية خضراء قاتمة كما في الصنف جويلي، أو اخضر قاتم به عروق لونها أفتح كما في الصنف توم واطسون.
ومن الداخل تقسم ثمرات البطيخ إلى مجموعات بحسب لونها منها: اللون الداخلي أحمر زاهـٍ كما في صنف جيزه (1)، وفي الصنف ستون ماونتن اللون الداخلي قرمزي، واللون الداخلي أصفر كما في الصنف جولدن هني.

   ويرجع اللون الداخلي لثمار البطيخ إلى وجود صبغي الليكوبين والكاروتين، وتتوقف دكنة اللون الأحمر على تركيز صبغة الليكوبين بينما لا تحتوي الأصناف الصفراء إلا على صبغة الكاروتين فقط، ويستمر تكوين صبغة الليكوبين في ثمار البطيخ مع ارتفاع درجة الحرارة من (20) إلى (37) درجة سيليزية بعكس الحال في ثمار الطماطم التي يقل تكوين الصبغة الحمراء فيها في درجات الحرارة المرتفعة (القرعيات، أحمد عبدالمنعم حسن، الدار العربية للنشر والتوزيع (ط) (ص 35)، (ص 51) 1977م).

   وتختلف ثمرات نبات الفلفل في لونها من الأخضر إلى الأحمر والأصفر، ويرجع لون ثمار الفلفل إلى خليط من صبغات الليكوبين والزنثوفيل والكاروتين، وتوجد صبغة الكاروتين منفردة في الأصناف الصفراء، ولا تبدأ الصبغات الحمراء الظهور إلا بعد وصول الثمار إلى طور النضج الأخضر ويتأثر ظهورها بدرجة الحرارة السائدة فتكون بصورة جيدة في مدى حراري من (18) إلى (24) درجة سيليزية سواء كانت الثمرات على النبات أو في المخزن، ويكون اللون الأحمر مشوبا بالاصفرار إذا ارتفعت درجة حرارة الثمرة إلى أكثر من (27) درجة سيليزية خلال معظم فترة التلون، كما تقل سرعة ظهور اللون الأحمر مع انخفاض درجة الحرارة عن (18) درجة سيليزية إلى أن يتوقف تماما في درجة (13) سيليزية، لذا نجد أن الأصناف التي تستهلك حمراء يكون تلوينها رديئا إذا كان نضجها متأخرا في الخريف، وليس لضوء الشمس أو الظلام أي تأثير في ظهور اللون الأحمر إلا من خلال تأثيرها المباشر في درجة الحرارة (الخضر الثمرية، أحمد عبدالمنعم حسن، الدار العربية للنشر والتوزيع (ط 1) (ص 51) 1989م).

في ثمرات نبات البسلة يختلف لون القرن قبل النضج من الأخضر إلى الأخضر المصفر كما تقسم أصناف البسلة بحسب لون بذرة الثمرة غير الناضجة إلى مجموعتين: أصناف لون بذورها أخضر فاتح وأصناف لون بذورها أخضر قاتم (المرجع السابق، (ص 51، ص 106).
   وهكذا تتجلى عظمة الألوان في الثمار السابقة كما تتجلى في ثمار نباتات: البرتقال، والجريب فروت، والأنبج “المانجو”، والشيكو، والتين، والكرز، والسدر، والرمان، وكل الثمار كما تختلف ألوان جذور نبات الجزر من الأحمر إلى القرمزي والأصفر والأبيض وكذلك تختلف ألوان جذور نبات الفجل من الأبيض إلى الأحمر وجذور نبات البنجر تعطي صبغة حمراء جميلة فسبحان الخالق سبحانه وتعالى القائل (انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{99}) (الأنعام/99) نظرة علمية إيمانية .
أ.د. نظمي خليل أبوالعطا موسى
www.nazme.net



 وإذا ما قال الحق سبحانه: {إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء ... } [فاطر: 28] . 

فلَنا أن نعرفَ أن العلماء هنا مقصودٌ بهم كُلّ عالم يقف على قضية كونية مَرْكوزة في الكون أو نزلتْ من المُكوِّن مباشرة. ولم يقصد الحق سبحانه بهذا القول علماء الدين فقط، فالمقصود هو كل عالم يبحث بحثاً ليستنبط به معلوماً من مجهول، ويُجلّي أسرار الله في خلقه.

 وقد أراد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يفرق فَرْقاً واضحاً في هذا الأمر، كي لا يتدخل علماء الدين في البحث العلميّ التجريبيّ الذي يفيد الناس


ووجد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الناس تُؤبّر النخيل؛ بمعنى أنهم يأتون بطَلْع الذُّكورة؛ ويُلقِّحون النخيل التي تتصف بالأنوثة، وقال: لو لم تفعلوا لأثمرتْ. 


ولما لم تثمر النخيل، قَبِل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الأمر؛ وأمر بإصلاحه وقال القولة الفصل «أنتم أعلم بشئون دنياكم»

أي: أنتم أعلم بالأمور التجريبية المعملية، ونلحظ أن الذي حجز الحضارة والتطوُّر عن أوربا لقرون طويلة؛ هو محاولة رجال الدين أنْ يحجُروا على البحث العلمي؛ ويتهموا كُلَّ عالم تجريبيّ بالكفر. 

ويتميز الإسلام بأنه الدين الذي لم يَحُلْ دون بَحْث أي آية من آيات الله في الكون، ومن حنان الله أنْ يُوضِّح لخَلْقه أهمية البحث في أسرار الكون، فهو القائل: {وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السماوات والأرض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} [يوسف: 105] .


 أي: عليك أيُّها المؤمن ألاَّ تُعرِض عن أيِّ آية من آيات الله التي في الكون؛ بل على المؤمن أنْ يُعمِلَ عقله وفِكْره بالتأمُّل ليستفيد منها في اعتقاده وحياته. 


يقول الحق: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وفي أَنفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحق. .} [فصلت: 53] .


 أما الأمور التي يتعلَّق بها حساب الآخرة؛ فهي من اختصاص العلماء الفقهاء.

 {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} [النحل: 13] . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق